أسرار القمر

يناير 3, 2024by pro0

حير القمر، جارنا السماوي، عقول العلماء وعشاق الفضاء على مر القرون. ورغم أن العديد من البعثات كشفت عن بعض أسراره، إلا أن هناك دائمًا المزيد الذي يمكن اكتشافه. في مقابلة حديثة مع جيانتشينغ فنغ، العالم الرائد في دراسة القمر وأحد علماء الكواكب في “معهد علوم الكواكب” بتوكسون في أريزونا، نستكشف البحوث الرائدة التي قام بها مع فريقه في بعثة المسبار “تشانغ إي 4”. كما نسلط الضوء على التاريخ الجيولوجي للقمر والهياكل الغامضة ذات الطبقات تحت سطحه.

تعاون الباحث الرئيس في الدراسة، جيانتشينغ فنغ، مع فريق من العلماء المتفانين، من بينهم ماثيو إيه سيغلر، ويان سو، وتشونيو دينغ، وإيراكليس جياناكيس. رغم أن التركيز في المقابلة يكون أساسًا على تجارب وخبرات فنغ، يجب أيضًا أن نقدر الجهود المشتركة التي أدت إلى هذه الاكتشافات المبهرة.

تمحورت المقابلة حول كشف أسرار القمر، حيث كان التركيز الرئيسي على الحصول على معلومات حول الاستنتاجات الرئيسية للدراسة المتعلقة بالبنية الطبقية في عدة مئات من الأمتار العليا من سطح القمر، وذلك عبر مسار المركبة “تشانغ إي 4”. ووفقًا لجيانتشينغ فنغ، فإن تقنية الرادار المخترق للأرض قد قدمت نظرة فريدة إلى باطن القمر، حيث تم تحديد مزيج من الغبار والتربة والصخور المتشققة، المعروفة باسم “الثرى”، في أول 40 متراً.

وفي تعقيبه على ذلك، قال فنغ: “حددنا بعض الطبقات من هذا الخليط، حيث يبلغ سمكها عادة حوالي 10 أمتار، واكتشفنا أيضًا فوهة مخفية”. وعندما حفرت المركبة على عمق يتراوح بين 90 و300 متر، اكتشفوا خمس طبقات متميزة تشبه شرائح سميكة من فطيرة “مون باي”. كانت بعض الطبقات رقيقة بشكل مدهش، حيث بلغ ارتفاع بعضها 20 مترًا فقط، بينما تجاوز سمك البعض الآخر 70 مترًا. وأكد فنغ أن الطبقات تتسع وتصبح أكبر حجمًا كلما زاد عمقها.

وأضاف فنغ: “تحمل هذه الاستنتاجات دلالات عميقة لفهمنا للتاريخ الجيولوجي للقمر، حيث تمثل الطبقات في الـ40 مترًا العليا موادًا ناتجة عن انفجارات فوهات كبيرة في مكان قريب، بعضها يقع على بُعد مئات الكيلومترات. وهي توفر سجلًا تاريخيًا للاصطدامات على سطح القمر”.

بالمقابل، تتكون الطبقات التي تقع على عمق يتجاوز 90 مترًا من صخور بازلتية، مما يشير إلى ثورانات حمم قديمة وقعت قبل مليارات السنين”. تفتح هذه الاكتشافات نافذة على الماضي الديناميكي للقمر.

بالنسبة للتحديات التكنولوجية التي واجهت استكشاف سطح القمر باستخدام تقنية الرادار، وكيف تم التعامل معها في بعثة “تشانغ إي 4″، أوضح فينغ أنه لم يشارك مباشرة في إعداد الأجهزة المستخدمة في المشروع. وقال: “لست على دراية بالرادار المخترق للأرض الذي حمله المسبار، ولست جزءًا من مشروع استكشاف القمر الصيني حاليًا. لذلك، ليست لدي معلومات حول هذه المسألة”. وأبرزت هذه النقطة التحديات والحلول المعقدة المرتبطة بمهمة استكشاف القمر.

العمق الكبير للبنيات ذات الطبقات يثير تساؤلات حول كيفية إسهام هذه المعلومات في مستقبل البعثات القمرية المأهولة، بما في ذلك مواقع الهبوط الآمنة والمأوى المحتمل. وقد أشار فنغ إلى أن اكتشاف أنابيب الحمم داخل هذه الطبقات قد يكون له دور كدرع طبيعي ومأوى محتمل للبشر في المستقبل.

وأكد فنغ على أهمية الطبقات التي تم اكتشافها تحت سطح القمر، قائلاً: “الطبقات التي يزيد ارتفاعها عن 90 مترًا تتكون من صخور بازلتية، ويمكن أن تقدم معلومات حول حجم الاندفاعات البركانية التي وقعت على سطح القمر في الماضي”. يوفر هذا الاكتشاف بيانات قيمة لفهم التطور الجيولوجي للقمر.قد يبدو الكشف عن فوهة مخفية تحت سطح القمر تفصيلا صغيراً، ولكنه يحمل دلالات هامة. إن هذه الأدلة المحفوظة جيداً تساعد في توضيح أصل المادة “المسحوقة” التي تغطي سطح القمر، والتي تنشأ نتيجة لتأثير اصطدامات متكررة، وفقًا لفنغ.

تناولت الدراسة أيضًا بنية القطب الجنوبي للقمر – حوض أيتكن، حيث أشار فنغ إلى أنه “واحد من الفوهات المعروفة التي نشأت نتيجة اصطدامات في النظام الشمسي. ويُشتبه بأن هذا الحوض كبير بما يكفي حتى أنه ربما اخترق القشرة القمرية، كاشفًا عن مواد من داخل القمر”.

ووفقًا للعالم، يُعَدّ فهم هذه المادة المكشوفة والبنية تحت السطحية للحوض عاملاً من عوامل الفهم التي تساهم في فهم تكوين القمر وطبيعته وتطوراته الداخلية.

ويتناول البحث أيضًا فهم البراكين القمرية، حيث يشير إلى اتجاه رائع: انخفاض في حجم ثورانات الحمم القمرية مع مرور الوقت.

يوفر هذا الاستنتاج، وفقًا لفنغ، معطيات قيمة حول الطاقة التي حافظت على الأنشطة البركانية على القمر في الماضي، وقد يساعد في تفسير سبب توقف النشاط البركاني في الوقت الحاضر. وأكد جيانتشينغ فنغ أن مشاركته في البحث تنبع من الاهتمام العميق بالبيانات والإلمام بها، وأن الاستنتاجات المقدمة لا تمثل الموقف الرسمي للسلطات الصينية، لكنها تساهم في تعزيز معرفتنا جميعًا بخفايا قمر الأرض الغامض.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact
info@saudiscan.net
Newsletter